خطاب مأموم لا خطبة إمام

 

 

 

لا ينكر مكابر رسوخ أقدام علمائنا و دعاتنا و أئمتنا في شتى اصناف العلوم الشرعية : (قرآنا و حديثا و فقها و أصولا و معاملات إلخ...) ، كما لا ينكر أحد ما كان لهؤلاء من دور في نشر رسالة الإسلام في كافة اصقاع المعمورة و ما مثلوا به بلادنا خير تمثيل ، حتى شهد الجميع بأن موريتانيا جمهورية إسلامية سُنِّيَّة مالكية بالكامل ، و على ذلك نَصَّ دستورها و من الشريعة الإسلامية اسْتَمَدَّت قوانينها .

 

إن هذه المرجعية التي كانت و لا تزال - و لله الحمد - ارفَعَ خيط في الفَتِيل الناظم لوحدتنا و تماسكنا و الضَّابِطَ لنهج حياتنا ، كافية وحدها لتجعلنا أمة سهلة الإمتثال لتوجيه العلماء و التشبث بوعظ الدعاة و التأثر بخطب الأئمة .

 

لقد حاول قطاع الشؤون الإسلامية خلال مختلف مراحل تَشَكُّل الدولة الحديثة ، بذل جهود في سبيل التوجيه و الإرشاد الديني ، إلا أن هذه الجود و البرامج ظلت دون المستوى و شهدت ركودا في الطرح و التناول ، حين لم تستطع مسايرة تحديات العولمة و الانفتاح على الآخر و سرعة دوران تطور المجتمعات ، حتى لا أقول مواكبة فِقْهَ المرحلة و نوازله المستجدة .

 

إن فَقْرَ مساطر البرامج الدينية في و سائل الإعلام الرسمية : (الإذاعة و التلفزيون الوطنيين) ، جعل من هذه البرامج مجرد عملية إجترار لمواضيع مَلَّهَا المتلقي لعدم التحديث فيها ، فأصبح الجميع يحفظ عن ظهر قلب المحاضرات المسجلة لبعض مشايخنا ، رحم الله الأموات منهم و أطال في اعمار الأحياء ، و ذلك لكثرة إعادتها في الإذاعة الوطنية بين الحين و الآخر .

 

  هذا في الوقت الذي مَلَّ فيه المتتبع للتلفزة الوطنية هو الآخر ، تكرار أحكام زكاة الفطر و تحديد مقدارها و وقت إخراجها و مستحقيها و أفضل الأصناف التي تخرج منها ، كما لم يعد بحاجة إلى معرفة أحكام الأضحية و على من تجب و ما يجزئ منها و وقت ذبحها . 

كلها مواضيع ظلت دون تغيير ، مادة لوسائل الإعلام الرسمية و حاضرة في خطب الأعياد و على منابر المساجد .

 

إن محاولة قطاع الشؤون الإسلامية من وقت لآخر ، استغلال منابر الجمعة بالمساجد لتمرير رسائل إلى المجتمع ، أمر لابأس به خصوصا إذا كان الموضوع مستجدا ، وثيقَ الصلة بحياة المواطن ، يحمل إرشادا أو توجيها أو توصية في شأن مهم ، و مجردا من أي لَبُوسٍ سياسي و بعيدا عن المزايدات أو خدمة لأجندات خاصة .

 

و في هذا المجال ، لابأس في إستحضار أمثلة من تعميمات الجهات الرسمية بتوحيد خطب الجمعة خدمة لمواضيع شتى :

 

1)- الجمعة 02 أكتوبر 2020 (التمسك بالقيم و الأخلاق الإسلامية). 

 

2)- الجمعة 30 يوليو 2021 (الإيثار و الاستغفار و الصدقة و الإنفاق في سبيل الله).

 

3)- الجمعة 22 أكتوبر 2021 (الإقبال على التلقيح ضد كورونا).

 

4)- الجمعة 26 نوفمبر 2021

(السلامة الطرقية).

 

5)- الجمعة 17 دجمبر 2021 (عدم التفاخر بالأنساب و التنابز بالألقاب ).

 

6)- الجمعة 22 ابريل 2022 (أمانة المسؤولية و أداء الحقوق).

 

7)- الجمعة 27 مايو 2022 (الحكم الشرعي في المغالاة في المهور و الإسراف في حفلات الزفاف).

 

8)- الجمعة 22 دجمبر 2023 (نجاح التعداد العام للسكان و المساكن).

 

9)- الجمعة 06 دجمبر 2024 (التبذير و البذخ في المناسبات الإجتماعية و محاربة الفساد).

 

بديهي جدا أن يتفاوت مدى إستجابة الأئمة لموضوع توحيد الخطب ، و ذلك حسب اختلاف مشاربهم و موقعهم من التعامل مع الجهات الرسمية .

كما أن النتيجة المرجوة من الخطاب تتوقف على نوع الموضوع ، و أسلوب طرحه و الجهة المستهدفة به ، خصوصا إذا كان موجها لجهة أو فئة خاصة من المجتمع .

 

و في هذا الإطار يتنزل تعميم توحيد خطبة الجمعة 11 يوليو 2025 الموجه لفئة المسؤولين الرسميين لحثهم على قضاء عطلهم الصيفية في الداخل . 

 

بعيدا من أن أكون على مستوى إسداء النصح و إبداء الرأي لأئمتنا الفضلاء ، لكن بحكم الإنتماء الفطري لأمة الإسلام و المسلمين ، و بمقتضى وجوب الإهتمام بأمر العامة ، فإني أناشد علماءنا و دعاتنا و أئمتنا ، باستغلال منابرهم و في كل المناسبات للحديث عن :

 

-- الغلول في المال العام .

 

-- حرمة الرشوة و استخدام النفوذ لابتزاز الضعفاء .

 

-- تبديد المال العام في الصفقات المشبوهة و المشاريع الوهمية و الزبونية .

 

-- وجوب توفير الخدمات الأساسية للمواطن دون تمييز .

 

-- تفشي فساد الأخلاق العامة .

 

-- الإنتشار المقلق لجرائم القتل و الإغتصاب و السرقة و الغش في المعاملات .

 

-- أنتشار أوكار الدعارة و العهارة و القمار ، و المتاجرة بالممنوعات .

 

-- التبجح و المجاهرة بممارسة جميع أنواع الفواحش ، و الرذائل و انتهاك حرمات الله و التستر على مرتكبيها . 

 

كيف يمكن تفسير سكوت علمائنا و دعاتنا و أئمتنا عن القتلة من باعة الأدوية المزورة ، و حبوب الهلوسة و المخدرات و المواد الغذائية المنتهية الصلاحية ، و مبيضي الأموال و تجار الأسلحة و مروجي الحروب الأهلية و مزوري الأوراق و الوثائق و العقود بشتى أشكالها و مهربي البشر ، لينشغلوا بتوجيه المسؤولين لقضاء عطلهم في الداخل؟

 

فمن أين لأئمتنا الكرام أن يقنعوا هؤلاء بالسفر بسياراتهم الفارهة التي كلفتهم ما بين الستين و الثمانين مليونا ، ليُمَرِّغوها في وَحَلِ الداخل ، و هي التي كانت تُغسل ثلاث مرات يوميا في مرآبها بقصورهم في انواكشوط ؟

 

كيف لأئمتنا أن يقنعوا هؤلاء بشراب مياه اظهر في الحوضين و مياه آفطوط التي خصصوها بعد وصولها لمنازلهم في انواكشوط ، للغسيل و الإستخدام المنزلي ، ليشربوا عِوَضها مياههم المعدنية المستوردة من خارج الوطن ؟

 

كيف لأئمتنا أن يقنعوا هؤلاء بأكل عجائن "الواحة" و "العالية" المصنوعة محليا ، و زيوت "OKI" المشبعة بالكولسترول الضار ، عِوَضًا عن عجائنهم و زيوتهم الأوروبية المنشئ و الصناعة ؟

 

كيف لأئمتنا أن يقنعوا هؤلاء بمنع اطفالهم من فواكههم المختلفة الأنواع ، الطازجة و المستوردة لتَوِّها ليتناولوا بدلها حبات "مندرين" أو "مانجو" عَفِنَة هي كل المتوفر بالداخل ؟

 

بأي حجة يمكن لأئمتنا الكرام إقناع هؤلاء ، بتفويت فرصة مدة وجيزة هي فترة الإجازة السنوية ، في التمتع صحبة عيالهم في قصورهم الفخمة في(لاس بلماس و الدار البيضاء و باريز و انقرا و الدوحة و دبي ) ؟

 

و أخيرا هل سيوفر أئمتنا لهؤلاء المسؤولين أقنعة فلاذية لاصقة ، ليختفوا وراءها طيلة تواجدهم بالداخل ، حتى لا يتعرف عليهم من كذبوا عليهم في آخر المواسم السياسية ، و حتى لا يعرفهم الأتراب و الأقران ممن شاركوهم صيد الوزغ و السحالي ، و ركوب الحمير في مضامير السباق ، و مص قصب سيقان سنابل الزرع ؟

 

 

النهاه ولد احمدو 

46442289

جمعة, 11/07/2025 - 09:11

آخر الأخبار

شرف والي لعصابه أحمدو ولد عداهي ولد اخطيره، صباح اليوم، بقاعة الاجتماعات بمباني حهة لعصابه، عل تو

قدمت المندوبية العامة للتضامن الوطني و مكافحة الإقصاء (تآزر)، مساعدة مالية لأسر ضحايا حادثة انهيا

يتقدم كابر و لد عمار الفاروق بأحر التعازي القلبية لأسرة أهل الطالب ولد محمد الامين و خاصة محمدو و

يشارك مفتش مقاطعة كيفه للتعليم الأساسي محمد يحي ولد محمد عبد الله ضمن بعثة من خبراء وزارة التربية

أعلن قبل قليل في كنكوصه عن رحيل الوالدة توت بنت وداد و ذلك على إثر وعكة صحية طارئة.

اجتمع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء 03 دجمبر 2025، تحت رئاسة صاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغز

يشتعل في هذه اللحظات حريق في المراعي على مشارف مدينة هامد هو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة.