
في الوقت الذي يُكرّس فيه فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مفهوم المدرسة الجمهورية باعتبارها الفضاء الجامع لكل أبناء الوطن، والمنصة العادلة التي تُساوي بين الجميع في الحق في التعلم والانتماء، نجد لزامًا علينا أن نُثمّن هذا التوجه، ونسلط الضوء على إحدى اللبنات الأولى التي جسدت هذا المعنى منذ عقود… إنها مدرسة كنكوصه رقم 1.
في هذه المدرسة العريقة، فتحت أعيننا على العالم، ومنها بدأ الحلم، وامتدت خطواتنا الأولى نحو طريق العلم، في حجراتها، وبين ساحتها، تشكّلت نواة الوطنية والوعي والانتماء. هناك تعلمنا الدروس الأولى، حفظنا الأناشيد، وذقنا طعم النجاح والفخر.
كيف لي أن أنسى مديريها ومعلميها الأوائل؟ اذكرهم على الحصر:
كمرا بكري، محمد الأمين ولد الفاضل، الطيب ولد اشريف، فال أحمد، لمرابط ولد احمدوا عبد الحي، إسماعيل، صنب بدو، محمد محمود ولد بنباري ،فنتا كوني، أعلى ولد الميداح، وغيرهم شاركوا في تربية الأجيال الموالية رحم الله من رحل، وبارك في عمر من بقي. كانوا أكثر من مجرد معلمين، كانوا آباءً وأمهات، زرعوا فينا القيم قبل الحروف، وأشعلوا في قلوبنا شعلة لا تنطفئ من حب المعرفة والبعد عن الاختلاس.
أتذكر بكل فخر وامتنان دفعة 1977، التي كانت مثالاً للتفوق والتميّز وكنت من بين الناجحين :أحمد فال ولد البوه، عثمان جنك(طبيب حالا في كنكوصه)، محمد عبد الله ولد حسن(رحمه ألله)، محمد محمود ولد الفاضل(إداري مدني في ولاية اترارزة)، علي ولد محمد، فاطم محمود ديكو(قبعتي لها ولمن قبلها و بعدها من البنات اللواتي تفوقن في الدفعات السابقة وأتذكر منهن خراة من الفاضل وخديجة جلو و السلطانة بنت الجاكلي) ، محمد الأمين ولد اهيت ،ماء العينين ولد جاكلي(إداري متقاعد )و عبود جكال (رحمه الله)
ولا يسعني في هذا المقام إلّا أن أترحم على والدتي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، التي سهرت على تربيتي، وضربت أروع الأمثلة في الصبر والعطاء رغم الظروف الصعبة. كانت مدرسةً في الأخلاق والحنان، وكثيرات مثلها من أمهات كنكوصه، حملن عبء التربية في صمت، وبذلن من أجسادهن وأرواحهن لينجح أبناؤهن. فلهن جميعًا كل التقدير والامتنان.
إن هذا المقال ليس فقط استحضارًا للذكريات، بل هو تحية وفاء لمدينة كنكوصه، مسقط الرأس، ومهد الطفولة، وواحة الذكريات. ونداء صادق لكل من عَبَر من مقاعد تلك المدرسة، أن يظل على عهدها، وأن يواصل الدفاع عن المدرسة الجمهورية، التي كانت وما تزال، أمل هذا الوطن
.
تنبيه
ان هذا الاستذكار لا يُجسِّد مجرد لحظة من الماضي، بل يوقظ في نفسي ذكريات المدرسة الجمهورية التي أنتمي إليها بكل فخر، والتي كان لها الفضل في صقل شخصيتي وتكويني العلمي والإنساني.
لقد أعاد إليّ هذا الموقف صورَ أساتذتي الذين غرسوا فيّ حبّ المعرفة والانضباط وروح المواطنة، فكنتُ بحقّ أحد ثمار تلك المدرسة الأصيلة.
وإذ أستحضر اليوم أسماءهم ووجوههم، لا يسعني إلا أن أرفع التحية والإكبار لكل المعلمين والمربين الذين سبقوهم أو جاؤوا بعدهم، ممن واصلوا مسيرة العطاء، وأسهموا في بناء الأجيال المتعاقبة، فلكلٍّ منهم نصيب من هذا الفضل وهذه الرسالة النبيلة.
إنني أعي تمامًا الدور العظيم الذي أدّاه جميع المكوّنين والمربين في مدرسة كنكوصه، تلك المدرسة التي كانت وما تزال منارةً تُضيء دروب العلم والمعرفة، ومصنعًا حقيقيًا لأطر ستظل تخدم هذا الوطن بإخلاص وكفاءة.
بقلم
علي محمد محمود
مدير الدراسة والتنمية
الشركة الموريتانية للبريد











