عشر سنوات مضت و مضيت "عزيزا" و قد أخمدت بذلك جذوات ظلت تختبئ تحت رماد البؤس .
مضيت عزيزا تشفع لك بعض الانجازات الخجولة، متوجا ذلك العز بتسليم السلطة راغبا لا مرغما لصديقك و أمين سرك .
مضيت و مضت معك توجسات شعب مسه الضر خلال عشر عجاف.
مضيت تلتمس طريق النجاة نحو تحصيل علم تعذر أيام الفتوة و الصبى .
مضيت و أمضيت مائة يوم تتقلب بين العواصم الأوروبية ، و بعض حواسك الحساسة في انواكشوط .. في القصر و في الوزارة ترصد كل صغيرة و كبيرة .
مضيت بعد أن تهاوت كل الأسوار من حولك وانكشف الغطاء عن بعض السوءات .
مضيت و أنت تنظر إلى الخلف خشية أن تضل طريق العودة ؛ ذلك أنك تمضي و في نفسك شيء من رفيق الدرب و فيها شك من جمهور الحزب .
مضيت و قد مضيت سهام العنصرية و شحذت سكاكين الشرائحية في مجتمع هش، تحكمه الطبقية المغلفة بقدسية زائفة منذ عهد سحيق .
مضيت و مضت الأيام تترى تكشف عن بعض محاسنها لمعارضة أعياها النزال عشرا خلت ...
مضيت وقد آن لك ان تمضي حتى تعرف معنى المضي و معنى الماضي بالعربية أو بالإنجليزية .
ولكن عدت فجأة تحت جنح الظلام مزهوا بكبرياء الزعماء خارج السلطة و برصيد شعبي غير كافي لإجراء أي اتصال بالقواعد الحزبية في الداخل أو الخارج .
عدت مزهوا بعشر عانى الخلق جراها واختصم ..
عدت تقرع الطبول من جديد بلحن أضحى نشازا ، لم يتمكن جوق المتملقين هذه المرة من عزفه ؛ لا في الجانبة البيظة و لا الجانبة الكحلة ولا حتى في لكنيدية .
.
عدت تمارس السياسة بكلمات ممجوجة غير فصيحة، و مغامرات غير مضمونة النتائج .
عدت و قد وجدت المعارضة في علاقة جديدة مع النظام .. في جو ملؤه رومانسية سياسية عفيفة حبلى بديمقراطية غير مشوهة .
عدت تعزف سيمفونيتك تلك بجوق برلماني لفظه الشعب قبل أن تغادر .
عدت ووجدت أيادي المصفقين قد شلت و طبولهم قد تشققت و زيادينهم تشتت رهطهم ينفخون في الفراغ .. لا يسمع لهم ركزا .
عدت فوجدت السكينة و الهدوء يطبعان النظام و المعارضة .
عدت كزوبعة صيفية تحاول أن تتشكل في مناخ لم يعد يحتمل العواصف .. تتكسر على جدران العزيمة و ستختفي في طيات الأثير .
عفوا سيدي الرئيس لقد مضيت عزيزا بنفسك و عدت أزيزا لشعبك .. فلترحمه من مغامرة جديدة !
الحسن محمد الشيخ