أجد صعوبة في فهم مغزى ودوافع الاجتماعات التي تعقد من وقت لآخر بين اتحاد أرباب الأعمال بمختلف اتحادياته وبعض الوزراء والمفوضين والآمرين بالصرف العموميين في بلادنا.
الدولة تطرح للمناقصة عبر مسار صفقات عمومية مشاريع أشغال في البنى التحتية أو دراسات أو اقتناء سلع وخدمات وليس من ضمن ذلك المسار اجتماعات مسبقة للتشاور ذلك أن مقاولات القطاع الخاص التي ترى في نفسها القدرة على تنفيذ المشاريع المعلن عنها موضوع إعلانات مناقصة ما عليها إلا أن تشتري ملف المناقصة وتعد عروضها المالية والفنية وتودعها في الآجال وتنتظر نتائج تقييم العروض وإعلان الفائز بالمناقصة من طرف لجنة الصفقات المختصة مع إمكانية إيداع تظلم في حال اعتقادها أنها تعرضت لظلم في التقييم، غير ذلك هو تصرف غير شفاف وغير مفهوم ولا ينبغي أن يكون مقبولا.
الصفقة العمومية هي عقد إداري تدفع بموجبه الدولة أو أي هيئة عمومية مقابلا ماليا للأشغال أو الدراسات أو التجهيزات التي تتحصل عليها من متعاقد خصوصي بعد إعلانه صاحب الصفقة ولا ينبغي الخلط بين الصفقة العمومية وبين الشراكة بين القطاعين العمومي والخصوصي وهي الشراكة التي ينظمها قانون خاص بها ومجموعة نصوص تطبيقية.
أبعدوا رجال الأعمال عن مكاتب الوزراء وألزموا الوزراء بالتركيز على عملهم وبعدم استقبال رجال الأعمال، لا يحصل هذا إلا في بلادنا فكل هيئة عمومية أو خصوصية ينبغي أن تظل داخل محيطها الاختصاصي ووفق الضوابط والنصوص المنظمة لعملها. لقد عانت البلاد كثيرا في تاريخها من التماهي بين أوساط الأعمال وأوساط الإدارة والسياسة ودفعت لذلك التماهي ثمنا باهظا في رداءة المنجز من المشاريع وتأخر آجال التنفيذ وفي الفساد الذي عشش في مفاصل إدارتنا العمومية.
إذا كان لأوساط الأعمال في البلاد مآخذ على مدونة الصفقات أو مدونة الاستثمار أو غيرهما من النصوص المنظمة لمناخ الأعمال فينبغي أن يكون لذلك آليات تضمن الاستماع لمشاغل القطاع الخاص وتضمن تسهيل عمله ولكن أن يتم استعراض محفظة مشاريع ضمن مخطط الصفقات في هيئة عمومية أمام رجال الأعمال ويطلب منهم دراسة تلك المشاريع وإعداد مقترحاتهم وكل هذا قبل إعلان المناقصة فذلك ما لا ينبغي حيث من المهم أن يفهم رجال أعمالنا أنه باستثناء "التفضيل الوطني la préférence nationale” الذي يحدد القانون سقفه سيكون عليهم منافسة قطاع خاص أجنبي تلتزم الدولة بتسهيل ولوجه للمناقصات الدولية التي تعلن عنها الوزارات والهيئات العمومية.
الخبير المالي / سيد احمد ولد ابوه