استغلال الفجوة المعلوماتية أم اخفاء سعر المنتج.. لماذا يخفق المسوقون في الحفاظ على زبونهم ؟ مكحل عبد الله

مكحل عبد الله

يقع الكثير من المسوقين في جملة من الأخطاء التي تجعل الزبون يستغرق وقتا كثيرا في عملية شراء منتج أو الحصول على خدمة، فكثيرا ما نحتاج لمنتج معين أو لخدمة ما فنذهب إلى السوق باحثين عن ذالك المنتج وبالرغم من توفر المنتج في نطاق واسع من السوق إلا أننا نستغرق وقتا طويلا في عملية الشراء ويزداد الوقت حسب أهمية المنتج وقيمته بالنسبة لنا
.
فهناك عامل خوف و قلق يصطحبان كل فرد يحاول شراء منتج ذا قيمة ثمينة مثل شراء هاتف جديد أو جهاز كمبوتر أو حتى سيارة.
 ويأتي هذا الخوف والقلق من انعدام الثقة بين البائع والمشتري ما يجعل المشري يتردد ألف مرة قبل أن يقرر شراء منتج ما، وذالك لجملة من الأخطاء يقع فيها المسوقين نذكر منها : 

1- استغلال الفجوة المعلوماتية أو ما يعرف بــ information gap 
ويعني هذا أن البائع يستغل جهل المشتري لتفاصيل المنتج كونه أكثر اطلاعا على المنتج الذي يبيعه، وبالتالي يبدأ بسرد تفاصيل عن أهمية هذا المنتج ومكوناته وكل ما من شأنه أن يؤثر على نفسية المشتري وقتها، ويجب التركيز على كلمة "وقتها" لأن غالبية التجار لدينا يركزون على فرصة البيعة الأولى بدلا من الأحتفاظ بالعميل.
و هذه إشكالية من إشكاليات فشل التسويق، فالسويق  يقوم على رضى الطرفين البائع يبيع منتجه بالثمن الذي حدده  والعميل يحصل على المنتج بالمميزات التي طلبها، وتلك معادلة رياضية يمكن أن نسميها  "رابح رابح" أي لا خسارة بين الطرفين.
أضف على ذالك أن رضى الزبون بالمنتج الذي اشتراه سيدفعه لا محالة للعودة للمكان ذاته للشراء منه مرة أخرى وبالتالي يحصل البائع على ولاء هذا الزبون.

-2 عدم الأهتمام بحاجيات الزبون؛ ويعني هذا أن غالبية المسوقين لدينا يبحثون عن طريقة يكونوا هم الرابحون فيها أي معادلة "رابح خاسر" وبالتالي يكون المشري خاسرا في عملية البيع ربما لأن المشتري  لايمتلك معلومات كافية عن المنتج أو أنه لا يعرف الفرق بين منتج ذا جوة عالية وآخر بجودة أقل، وهنا يستغل البائع هذا الفراغ ليملأه بما من شأنه أن يجذب  العميل للمنتج دون محاولة فهم حاجته.

وهذه الخطوة إن هي نجحت في جذب الزبون لشراء هذا المنتج او استخدام هذه الخدمة لمرة فإنها لن تنجح في استقطابه مرة ثانية بالطريقة ذاتها، وهو ما يؤدي لفشل عملية التسويق، تسويق المنتجات لايعني بالضرورة أن تسوق منتجا ثم تبعيه لكن التسويق الفعال، هو  أن تبيع منتجا لزبون ما ثم يذهب راضيا سعيدا بعملية البيع.

في كتابه "كيف تبيع أي شيء لأي  إنسان"  يرى خبير المبيعات "جو جيرارد"، الذي دخل موسعة "غينيس" للأرقام القياسية بسبب كمية المبيعات التي حقق في مجال بيع السيارات، يرى أن خسارة زبون واحد تعني خسارة 250 شخصا وذالك بناء على قاعدة الـ250 في كتابته.
تقول قاعدة الـ250 لــ"جو جيرارد" أن كل إنسان محاط بـ250 فردا تشمل الأهل والأقارب والأصدقاء وزملاء العمل والمعارف وغيرهم  وبالتالي حصولك كبائع على رضى عميل واحد يعني حصولك مبدئيا على 250 عميلا محتملا ولذالك يجب أن تحاول جاهدا أن لا تخسر هذه المعادلة حتى ولو دفعك ذالك للتنازل عن جزء من الأرباح للظفر برضى هذا العميل.
رضى الزبون يعني نجاح عملية البيع بالنسبة للبائع، فمن المرجح بشكل كبير أن هذا العميل سيخبر زميله بهذا المنتج وعن مكان شرائه وبهذا يحصل البائع على ترويج مجاني لمنتجه دون الحاجة للتنقل من مكانه

3- إخفاء السعر الحقيقي للمنتج: وهذه إشكالية يقع فيها العديد من المسوقين وخاصة اصحاب المنتجات الإلكترونية، حيث لا يفصحون عن السعر الحقيقي للمنتج.
بالنسبة للمسوقين عبر الأنترنت كثيرا ما يضعون إعلانات ترويجية لمنتج معين دون أي معلومات تخص السعر، وعندما تسأل عن السعر في التعليقات، يُرد عليك " السعر في الخاص"!  لماذا يخشى المسوقون ذكر السعر الحقيقي للمنتج ؟ ولماذا يتم كتم السعر عن الزبون رغم أن المنتج واحد وغير متغير ؟! 
والأمر ذاته يحدث مع المسوقين الآخرين حيث يتم بيع هذا المنتج بسعر معين لعميل وبسعر آخر لعميل.
لماذا يقوم البائع بهذه الخطوة "الاستفزازية" ؟ لماذا يتم التلاعب بالأسعار بهذا الشكل أمام الزبون ؟
فأن تبيع منتجا ما بسعر موحد أفضل من أن تبيعه تارة بسعر وتارة بآخر.
يستخدم المسوقين هذه الحركة كنوع من التلاعب بعقلية المشتري كأن أقول لك بالعامية  "هذا الهاتف بـ20 ألف والتالي فيه 18ألفا" فما دامت 18 ألفا هي السعر الأخير لماذا لا يقول لنا البائع هذا الهاتف بـ18 ألفا؟ 

هنا يغفل المسوقون عن حاجة ضرورية وهي تثقة العميل.
فالزبون غالبا ما تكون ثقته ضعيفة  في أي مسوق يتعامل معه بهذا النوع من الخدع، فالمنتج هو المنتج والسعر كذالك هو السعر، فلا البائع بحاجة لأن يقدم السعر تارة ويأخره تارة اخرى ولا العميل كذالك مستعد لهكذا حركة .
 الزبون يثق أكثر في المنتجات ذات السعر الثابت، والتي تباع بالتساوي وبسعر معروف لدى الجميع وهو ما يساعد الزبون في اتخاذ  قرار  الشراء على الفور دون الحاجة للتفكير.

ما يغفل عنه غالبية المسوقين هو أن عملية التسويق في حد ذاتها حتى وإن كانت تقوم على تسويق منتج معين أو خدمة ما  فإن ذالك لا يعني مخادعة الزبون، فالتسويق عادة ما يجلب "قيمة" للزبون.

للتسويق ثلاثة أدور أساسية يقوم عليها

أولا: تحديد  الزبون؛ بمعنى فعم حاجيات الزبون وماذا يريد بالفعل.
وتقوم هذه الخطوة على فهم ومعرفة من هم المستهدفين وماهي الطريقة الصحيحة للوصول إليهم.

ثانيا: إرضاء الزبون: ولكن كيف ؟ 
إرضاء الزبون هو أن تجعل المنتج الصحيح متوفرا للشخص الصحيح وفي الوقت الصحيح.
وفي هذه النقطة بالذات لفت انتباهي سؤالا للأستاذ "أشرف ابراهيم" في إحدى حلقات "المخبر الأقتصادي.
الأستاذ طرح سؤالا كيف تبيع مشطا لرجل أقرع ؟ 
وهذا بالضبط ما يحاول الكثير من المسوقين لدينا فعله وبالطريقة الخطأ! 
والسبب في ذالك، هو جهل أو تجاهل  قواعد "عملية التبادل الفعالة".

خبير المبيعات الأمركي Zig Ziglar في حوار تلفزيوني   سأله المذيع  قائلا: الناس تقول أن أنك أكبر خبير مبيعات على مر التاريخ هل بإمكانك أن تبيع لي "علبة إطفاء السجارة" هذه الموجودة بجانبك ؟

لو أن السؤال هذا تم توجيهه للكثير من المسوقين هنا لرأينا الكثير من الإجابات التي تحمل في طياتها مجموعة من الخدع والأكاذيب الترويجية الصادمة.

ما يهمنا هنا، أن Ziglar سأل المقدم التلفزيوني قائلا؛  قبل أن أبيع لك هذه العلبة بودي أن اعرف الغرض من شرائك لها لماذا هذه العلبة بالذات ؟ 
أجاب المذيع: إنها طريفة وجميلة.
أعاد عليه  Ziglar السؤال  مجددا برأيك ماهو الثمن المناسب لعلبة إطفاء سيجار كهذه ؟
رد المذيع، في الحقيقة لا اعرف لكن أعتقد 20 دولارا مناسبة.
عندها ابستم خبير المبعات  Ziglar  وقال تمت عملية البيع بنجاح !

المفيد من القصة هذه أن معرفة حاجيات الزبون والمنتج الذي يناسبه ميزة أساسية من مميزات التسوق الناجح.
غالبية المسوقون حتى وإن فهموا حاجيات الزبون وأدركوا أن المنتج لا يتناسب مع حاجياته   فإنهم  يحاولون خلق حاجات وهمية مستغلين جهل الزبون بنوعية المنتج وبالتالي تحصل معادلة "رابح خاسر"،  وبالرغم من خسارة الزبون في عملية شراء هذا المنتج، الذي لا يتماشى مع متطلباته، فإن المسوق ليس بالأقل خسارة منه، فهذا الأخير خسر الزبون والـ250 زبون المحتمل التي كان من المتوقع ان يحصل على بعضها  إذا ما تعامل بشكل جيد مع العميل.

ثالثا، الحفاظ على الزبون؛ وهذه الأخيرة مرتبطة بشكل كامل مع سابقتها وهي إرضاء الزبون، كيف نحافظ على الزبون ؟

يمكنك المحافظة على الزبون،
عندما تخلق حاجة أو سببا له يجعله يعود للشراء من عندك مجددا، حاول ان تفوز بولاء هذا الزبون.

إن عملية بيع المنتج الصحيح، كما ذكرنا في الدور الأول  من ادورا التسويق )تحديد الزبون)، هو مفتاح الحفاظ على الزبون. الزبون ليس غبيا فإذا ما نجحت في مخادعته مرة فلن تستطيع في المرة القادمة.

عملية الحفاظ على الزبون تقودنا إلى الحديث عن تكلفة الحصول على زبون، فتكلفة الحصول على زبون أو ما يعرف بـ Customer Aquisition Cost ترتفع هي الأخرى بسبب عزوف الزبون عن معظم المنتجات وعدم ثقته في الإعلانات الترويجية، وبالتالي  
يلجأ معظم المسوقين هنا إلى استهداف الزبون إما عن طريق الإعلانات (المرئية أو الإلكترونية) وأحيانا استخدام Word of Mouth سواء كانت بمكبرات الصوت أو بشكل مباشر كما هو شائع.
ولهذا السبب تكون تكلفة الحصول على عميل واحد مرتفعة مقارنة بما يتم جذبه عن طريق وسائل الترويج المختلفة.

السبب وراء ارتفاع تكلفة الحصول على عميل جديد  هو الاخفاق في عملية الحفاظ على الزبون فخلق الحاجات الوهمية للزبون بغرض شراء منتجا لا يتماشى مع متطلباته سيجنبه العودة لشراء هذا المنتج او حتى منتج مشابه، وبالتالي يضطر المسوق لإجراء عملية ترويجية  جديدة  للحصول على عميل أو لنقل "ضحية جديدة"وهكذا ترتفع تكلفة الحصول على عميل .

عملية تسويق المنتجات تشبه إلى حد ما الحرب بين المسوق والعميل. 
الأول همه الأساسي بيع منتجه بأي طريقة كانت وحتى لو كلفه ذالك خلق حاجات وهمية وسرد تفاصيل لا أساس لها من أجل بيع هذا المنتج.
والأخير )العميل( بدوه يسعى جاهدا لتجنب الوقوع في فخ المعلومات المضللة والخروج بأقل الاضرار.

أحد, 12/09/2021 - 13:27

آخر الأخبار

وزعت جمعية العون المباشر الكوتية 1600 سلة غذائية على الفقراء بمقاطعة كنكوصه.

نددت زينب بنت امخيطير بما اعتبرته إقصاء للفقراء من سكان حي الگزرة من التوزيعات الغذائية التي أشرف

عاد الألق الإعلامي من جديدة إلى إذاعة كنكوصه الحدودية و ارتفع مستوى التفاعل و التعاطي مع المحطة ا

يتقدم كل من ابراهيم و هيداله و قالية أبناء اعميرخ باسم أسرة اهل اعميره في ويرنكل، بأحر التعازي ال

اجتمع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء 27 مارس 2024، تحت رئاسة صاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزو

 تتراوح أوقات الإفطار اليوم الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك 1445 هجرية، في عواصم الولايا

انطلقت صباح اليوم في المركز الصحي بكنكوصه عملية تكوين الكوادر الطبية و أعوان التعبئة المشاركين في

أعلن قبل قليل في العاصمة انواكشوط  عن رحيل الأخ يحي  ولد سيدي يحي و ذلك بعد وعكة صحية مفاجئة.

اتهمت النيابة العامة في ولاية نواكشوط الغربية رئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده بناء على ا